فصل: 139- حبس:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة



.139- حبس:

1- التعريف:
الحبس في اللغة له عدة معان منها: المنع والامساك، وهو ضد التخلية، قال تعالى: {وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ} [هود الآية 8]، ومن معانيه: السجن، يقال: حبس الحاكم المجرم إذا سجنه.
وفي الاصطلاح: هو تعويق الشخص ومنعه من التصرف بنفسه سواء كان في بيت أو مسجد أو كان بتوكيل نفس الخصم أو وكيل الخصم عليه وملازمته له.
2- مشروعية الحبس:
الحبس مشروع بالكتاب، والسنة، والإجماع، وتقتضيه المصلحة العامة.
فمن الكتاب قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة 33]، ووجه الدلالة أن الآية نصت على أن إحدى عقوبات قطاع الطرق النفي من الأرض وهو نوع من أنواع الحبس، فدل على مشروعية الحبس. وقوله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً} [النساء 15]، ووجه الدلالة أن الآية نصت على أن عقوبة المرأة إذا زنت الحبس في البيت- كان هذا في صدر الإسلام- فدل على مشروعية الحبس.
ووردت أحاديث كثيرة من السنة تدل على مشروعية الحبس ومنها:
ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث خيلا قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال، سيد أهل اليمامة، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: ماذا عندك يا ثمامة؟ فقال: عندي يا محمد خير، إن تقْتل تقتل ذا دم، وإن تُنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى كان بعد الغد، فقال: ما عندك يا ثمامة؟ قال: ما قلت لك، إن تُنعم تنعم على شاكر، وإن تقْتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان من الغد، فقال: ما عندك يا ثمامة؟ فقال: عندي ما قلت لك إن تُنعم تنعم على شاكر، وإن تقْتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أطلقوا ثمامة؛ فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل، ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله... الحديث متفق عليه. وروى أبو داود عن حكيم عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم: (حبس رجلا في تهمة).
والدلالة من الحديثين السابقين على مشروعية الحبس واضحة.
وأما الإجماع فمعلوم أن الصحابة سجنوا بعض المتهمين، ومن ذلك سجن عمر بن الخطاب رضي الله عنه للشاعر الحطيئة، لهجائه الزبرقان، وسجن صبيغا، لسؤاله عن المعضلات في القرآن؛ وسجن عثمان بن عفان رضي الله عنه ضابئ بن الحارث، أحد لصوص بني تميم حتى مات في السجن، وكان فعلهما هذا بعلم من الصحابة فلم ينكر عليهما أحد فكان بمثابة الإجماع.
وأما المصلحة العامة فتقتضي حبس المتهمين حتى تنفذ عليهم العقوبات أو تستوفى منهم الحقوق.
قال الشوكاني رحمه الله تعالى: (والحاصل أن الحبس وقع في زمن النبوة، وفي أيام الصحابة والتابعين، فمن بعدهم إلى الآن في جميع الأعصار والأمصار من دون إنكار، وفيه من المصالح ما لا يخفى، لو لم يكن منها إلا حفظ أهل الجرائم المنتهكين للمحارم الذين يسعون في الإضرار بالمسلمين، ويعتادون ذلك، ويعرف من أخلاقهم، ولم يرتكبوا ما يوجب حدا ولا قصاصا حتى يقام ذلك عليهم، فيراح منهم العباد والبلاد، فهؤلاء إن تركوا وخلي بينهم وبين المسلمين بلغوا من الإضرار بهم إلى كل غاية، وإن قتلوا كان سفك دمائهم بدون حقها، فلم يبق إلا حفظهم في السجن، والحيلولة بينهم وبين الناس بذلك حتى تصح منهم التوبة، أو يقضي الله في شأنهم ما يختاره؛ وقد أمرنا الله تعالى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقيام بهما في حق من كان كذلك لا يمكن بدون الحيلولة بينه وبين الناس بالحبس كما يعرف ذلك من عرف أحوال كثير من هذا الجنس؛ وقد استدل البخاري على جواز الربط بما وقع منه صلى الله عليه وسلم من ربط ثمامة بن أثال بسارية من سواري مسجده الشريف كما في القصة المشهورة في الصحيح).
3- ضوابط موجبات الحبس عند الفقهاء:
ذكر القرافي ثمانية ضوابط في موجبات الحبس هي:
1- حبس الجاني لغيبة المجني عليه حفظا لمحل القصاص.
2- حبس الآبق سنة حفظا للمالية رجاء أن يعرف مالكه.
3- حبس الممتنع من دفع الحق إلجاء إليه.
4- حبس من أشكل أمره في العسر واليسر اختبارا لحاله، فإذا ظهر حاله حكم عليه بموجبه عسرا أو يسرا.
5- حبس الجاني تعزيرا وردعا عن معاصي الله تعالى.
6- حبس من امتنع من التصرف الواجب الذي لا تدخله النيابة كمن أسلم على أختين أو أكثر من أربع نسوة، أو امرأة وابنتها، وامتنع من ترك ما لا يجوز له.
7- حبس من أقر بمجهول عين أو في الذمة وامتنع من تعيينه، فيحبس حتى يعينه فيقول: العين هو هذا الثوب، أو الشيء الذي في ذمتي وأقررت به هو دينار.
8- حبس الممتنع من حق الله تعالى الذي لا تدخله النيابة عند الشافعية والمالكية كالصوم والصلاة فيقتل فيه، ولا يدخل الحج في هذا مراعاة للقول بوجوبه على التراخي.
9- زاد الشيخ محمد علي حسين المالكي سببا آخر، فقال: والتاسع: من يحبس اختبارا لما ينسب إليه من السرقة والفساد.
10- وذكر آخرون سببا عاشرا فقالوا: والعاشر حبس المتداعى فيه لحفظه حتى تظهر نتيجة الدعوى، كامرأة ادعى رجلان نكاحها فتحبس في بيت عند امرأة صالحة، وإلا ففي حبس القاضي.
4- أنواع الحبس: (راجع: مصطلح: توقيف).

.140- حبوب:

(انظر: مصطلح: مخدرات).

.141- حجز:

(راجع: مصطلح: توقيف).

.142- حد:

1- التعريف:
الحَدُّ في اللغة: المنع، وحُدُود اللَّه تعالى محارمه، وهي: الأشياء التي بيَّن تحريمها وتحليلها، وأَمر أَن لا يُتعدى شيء منها فيتجاوز إلى غير ما أَمر فيها أَو نهى عنه منها، ومنع من مخالفتها، واحِدُها حَدّ؛ قال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا} [البقرة الآية 187]، وسمي الحد بذلك لأنه يمنع المحدود وغيره من المعاودة.
والحد في الاصطلاح: عقوبة مقدرة شرعا في معصية، لتمنع من الوقوع في مثلها.
وعرف الحد أيضاً بأنه: عقوبة مقدرة، شرعت لصيانة الأنساب، والأعراض، والعقول، والأموال، وتأمين السبل.
2- فضل إقامة الحدود:
الحدود شرعها الله سبحانه وتعالى رحمة بعباده، ومقاصد الشريعة الإسلامية تقتضي إقامة الحدود وإعلانها بين الناس، إذ بإقامة الحدود يعم الأمن والرخاء، وتحفظ الأنساب والأموال، وقد أمر الله تعالى، بإقامة الحدود، وأمر بها رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور 2]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقيموا حدود الله في القريب والبعيد، ولا تأخذكم في الله لومة لائم»، وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: «حد يعمل به في الأرض خير لأهل الأرض من أن يمطروا أربعين صباحا».
3- شروط إقامة الحد:
يشترط لإقامة الحدود عموما الشروط التالية:
1- الأهلية ويقصد بها (العقل، والبلوغ، الرضا).
2- الإقامة في دار الإسلام، لكن لو ارتكب المسلم الجريمة الموجبة للحد خارج البلاد الإسلامية ثم عاد لبلاد المسلمين، فإن الحد يقام عليه.
3- الصحة، إذا كان الحد غير القتل، لأن المريض غالبا لا يحتمل الجلد، فيؤجل الحد حتى يزول المرض، أما إن كان المرض لا يرجى برؤه، فإنه يحتال لإقامة الحد عليه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم، في المريض الذي زنا: «خذوا له عثكالا فيه مائة شمراخ فاضربوه به ضربة واحدة».
4- انتفاء الحمل، واستغناء المولود عن أمه التي سيقام عليها الحد، لما ثبت من قصة الغامدية.
5- انتفاء الشبهة، لما رواه الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام إن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة».
6- العلم بالتحريم، لقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لا حد إلا على من علمه).
4- الحدود المقدرة شرعا:
الحدود المقدرة شرعا سبعة هي:
1- حد الزنا. 2- حد القذف. 3- حد شرب المسكر.
4- حد السرقة. 5- حد الحرابة. 6- حد الردة.…
7- حد البغي.
(ينظر ما يتعلق بهذه الحدود في مصطلحاتها).
5- الفرق بين الحد والقصاص:
هناك بعض الفروق بين الحد والقصاص ومنها:
1- لا تجوز الشفاعة في الحدود وتجوز في القصاص.
2- لا يصح العفو في جرائم الحدود ويصح في القصاص.
3- الحدود حق لله تعالى- باستثناء حد القذف- والقصاص حق لآدمي.
6- الفرق بين الحد والتعزير:
1- الحد عقوبة مقدرة من حيث الجنس والقدر والصفة، والتعزير عقوبة غير مقدرة لا جنسا، ولا قدرا ولا صفة.
2- يشترط في إقامة الحدود التكليف، بأن يكون المجرم بالغا عاقلا، ولا يشترط ذلك في التعزير، فقد يعزر الصبي، والمجنون، لكن يعتبر تعزيرهما تعزير تأديب لا تعزير عقوبة.
3- موجبات العقوبة الحدية معينة، وموجبات التعزير لا حصر لها.
4- لا تقام الحدود مع الشبهة، بخلاف التعزير فإنه ينفذ مع الشبهة.
7- طرق إثبات جرائم الحدود:
جرائم الحدود تثب بطريقين، الإقرار، والشهادة، إذا استوفيا شروطهما وأركانهما، وانتفت موانعهما هذا باتفاق العلماء.
8- مسقطات الحدود:
يسقط الحد بالأمور التالية:
1- الرجوع عن الإقرار بارتكاب الجريمة الموجبة للحد، لما جاء في قصة ماعز رضي الله عنه، عندما هرب، وتبعه الصحابة فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك قال: «هلاَّ تركتموه....».
2- رجوع الشهود عن شهادتهم.
3- دعوى الإكراه.
9- الشفاعة في الحدود:
تحرم الشفاعة وقبولها في حد من حدود الله تعالى، بعد أن يبلغ الإمام، لقوله صلى الله عليه وسلم لصفوان ابن أميه: «فهلاَّ قبل أن تأتيني به».
ولما رواه الإمام أحمد عن ابن عمر مرفوعا: «من حالة شفاعته دون حد من حدود الله فهو مضاد لله في أمره».
ولما جاء في الصحيحين من خبر شفاعة أسامة بن زيد رضي الله عنه في المخزومية، التي سرقت، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أتشفع في حد من حدود الله». وسيأتي مزيد بيان لهذه المسألة إن شاء الله: في مادة: شفاعة.
10- ضابط بلوغ الحدود للسلطان:
المقصود بالسلطان الإمام أو نوابه، ومن نواب الإمام في هذا الشأن أمراء المناطق، والقضاة، فإذا بلغتهم قضايا الحدود حرمت الشفاعة فيها، وكذلك الحال بالنسبة لرؤساء هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورؤساء مراكز الشرطة، ورؤساء الجهات الحكومية الأخرى المختصة بالضبط الجنائي.